مـــمـــيـــزات
الـــــشـــــــعــــــر الـــــجاهــــلي
كلمة
الجاهلية في الاصطلاح تطلق على أحوال بسبب ما كان يسود حياتهم في العرب قبل الإسلام
ذلك الوقت من عبادة الأصنام ، والاسراف في القتل ، والخمر وعوثة الصحراء وخشونة العيش وحربية الفكر وطبيعة الجو
وسذاجة كل أولئك طبع الشعر الجاهلي بطابع خاص وما زه بسمة ظاهرة فمن خصا صئه الصدق
في تصوير العاطفة وتمثيل الطبيعة فلا تجد فيه كلفا بالزخرف ولا تكلفا في الأداء
فكثر لذلك الإيجاز وقل المجاز وندرت المبالغة وضعفت العناية بسياق الفكر على سنن
المنطق واقتضاء الطبع فعلائق المعاني واهنة وقيام الحروب بين
القبائل ومن أهم مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي، القبيلة وهي الوحدة التي بنيت عليها حياتهم وكذلك الأخذ
بالثأروكانت حياتهم تتصف بالقسوة والحرمان والفقروكذلك أولع العرب بالخمرة فشربوها.
أما عن حياتهم الدينية ، فقد كانت الوثنية هي
السائدة في الجزيرة العربية والوثنية هي عبادة الاصنام
والاوثان ، وقد كان عدد من القبائل يعبدون بعض الظواهر الطبيعية كالشمس
والقمر
والنجوم ، ومنهم من كان يعبد ( الشعرى ) أما من حيث الحياة الأدبية فقد كان العرب
يهتمون بالأدب كثيرا، إذ كان لكل قبيلة شاعر أو أكثر يتغنى بأمجادها ، وكان لكل
قبيلة خطيب أو أكثر، وكانوا يقدمون أدابهم في أسواقهم ، ومنهم من عرضه على أستارالكعبة.
وكانت القبيلة في الجاهلية
خاضعة لزعيم يقوم الأفراد باختياره ، ويتصف بصفات محددة كالشجاعة والحزم والحلم
وهو كذلك صاحب رأي ، وكانت العصبية تسود أفراد القبيلة ، فكل فرد يتعصب لقبيلته
مهما فعلت صوابا أم خطأ.
كانت القبيلة هى الوحدة السياسية في العصر الجاهلي
،تقوم مقام الدولة في العصر الحديث .
وأهم رباط في النظام القبلي الجاهلي ،هو العصبية ،وتعني النصرة لذوي القربى والأرحام ان نالهم ضضيم أو اصابتهم هلكة.
وأهم رباط في النظام القبلي الجاهلي ،هو العصبية ،وتعني النصرة لذوي القربى والأرحام ان نالهم ضضيم أو اصابتهم هلكة.
وللقبيلة رئيس يتزعمها في السلم والحرب .وبنبغي أن
يتصف بصفات أهمها :البلوغ،الخبرة،سداد الرأى،بعد النظر ،والشجاعة ،الكرم ،والثروة.
وكانت علاقة القبائل العربية
ببعضها علاقة عداء نتيجة العصبية القبلية والحمى لكل قبيلة وحماية الجار والفقر
والغزوات والأخذ بالثأر ، ولكن هناك بعض العرب من حرّم الخمرة على نفسه ، فلم يكن
يشربها إما لاعتقاد جازم أنها تذهب العقل وتقلل قيمة الرجولة وإما لاعتقاد ديني ،
يقول صفوان بن أمية: كانت حياتهم قاسية لذلك طلبوا المرأة أملا في نسيان التعب
والحرمان ورغبة في الهدوء ، فتحدثوا عن المرأة في كل مجالات حياتهم ، واصبحت
لامطلع قصائدهم أو محورها الرئيسي ، وكانت بعض القبائل تصطحب النساء في الحروب
لعلاج الجرحى وبعث الحمية في
نفوس المقاتلين.
من أشهر أصنامهم ( اللات ) و( مناة ) و ( العزى ) ، وكانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى
الله لاعتقادهم أن الله عظيم ويجب أن يكون
هناك واسطة بين العبد وربه ومن العرب من رفض عبادة الأصنام ، ومنهم من صنع
أصناما من التمر فاذا جاع أكلها ،
وكان بعض العرب على دين ابراهيم، ومنهم من اتبع النصرانية ، وكذلك انتشرت
اليهودية كما في خيبر
ويثرب ، وعبد بعض العرب الجن وبعضهم عبد الملائكة.
من أسواق العرب الأدبية في الجاهلية سوق ( عكاظ ) و ( ذي المجاز)و ( المجنة ) وكانوا
كذلك يستغلون موسم الحج للشعر.
الشعر القديم الجاهلي:
الشعر
ديوان العرب. وكان اهتمامهم بالشّاعر قديمًا، أكثر من اهتمامهم بالكاتب، لحاجتهم
إلى الشاعر. وقد عبّروا عن هذا الحرص على الشعر والاهتمام بالشاعر في عنايتهم بما
اصطلح على تسميته بمجموعات الشعر.
ولقد وصف
الشاعر الجاهلي كل شيءٍ وقع عليه بصره، كالصحراء بكل تفاصيلها والسماء والنجوم
والمطر والرياح والخيام والحيوانات والطيور والحشرات، كما وصف أطلال محبوبته والرحلة
إلى ممدوحه، بل إنه في سياق غزله قد وصف المرأة وصفًا بارعًا عبَّر ـ في عمومه ـ
عن قيم الجمال الأنثوي لديه. بل إن الوصف كان أداته في كل غرض شعري طرقه. والوصف في الشعر الجاهلي يتَّسم بالبساطة، والحس الفني
الذي يجمع بين الرقة والعفوية. والواقع أن الشاعر الجاهلي وصَّاف مصور، فالصورة
الفنية عنصر أساسي في شعره.
ويتناول الشعر
المدح والرثاء والهجاء والغزل ووصف الكرم والشجاعة وكل موضوعات الفخر وغيرها ولكن
بلغة عامية. وهذه المعاني تأتي في القصيد الذي يحسنه الشعراء في الحجاز ونجد وشمال
الجزيرة كله وشرقها وغربها.
وقد وصف ذلك ابن خلدون في مقدمته
بقوله: ¸اعلم أن الشعر لا يختص باللسان العربي فقط، بل هو موجود في كل لغة سواء
كانت عربية أو عجمية... ولما فسد لسان مضر ولغتهم التي دونت مقاييسها وقوانين
إعرابها وفسدت اللغات من بعد بحسب ماخالطها ومازجها من العجمة، فكان لجيل العرب
بأنفسهم لغة خالفت لغة سلفهم من مضر في الإعراب جملة، وفي كثير الموضوعات اللغوية
وبناء الكلمات. وكذلك الحضر في الأمصار، نشأت فيهم لغة أخرى خالفت لسان مضر في
الإعراب وأكثر الأوضاع والتصاريف وخالفت أيضًا لغة الجيل من العرب لهذا العهد.
المعلقـــات:
المعلقات: مصطلح أدبي يطلق على مجموعة من القصائد المختارة لأشهر شعراء الجاهلية، تمتاز بطول نفَسها الشعري وجزالة ألفاظها وثراء معانيها وتنوع فنونها وشخصية ناظميها.
قام باختيارها وجمعها راوية الكوفة المشهور حماد الراوية.
المعلقات: مصطلح أدبي يطلق على مجموعة من القصائد المختارة لأشهر شعراء الجاهلية، تمتاز بطول نفَسها الشعري وجزالة ألفاظها وثراء معانيها وتنوع فنونها وشخصية ناظميها.
قام باختيارها وجمعها راوية الكوفة المشهور حماد الراوية.
واسم
المعلقات أكثر أسمائها دلالة عليها. وهناك أسماء أخرى أطلقها الرواة والباحثون على
هذه المجموعة من قصائد الشعر الجاهلي، إلا أنها أقل ذيوعًا وجريانًا على الألسنة
من لفظ المعلقات، ومن هذه التسميات:
السبع الطوال:
وهي وصف لتلك القصائد بأظهر صفاتها وهو الطول.
السُّموط. تشبيهًا لها بالقلائد والعقود التي تعلقها المرأة على جيدها للزينة.
المذَهَّبات: لكتابتها
بالذهب أو بمائه.
القصائد السبع المشهورات. علَّل النحاس
أحمد بن محمد هذه التسمية بقوله: لما رأى حماد الراوية زهد الناس في حفظ الشعر،
جمع هذه السبع وحضهم عليها، وقال لهم: هذه المشهورات، فسُميت القصائد السبع
المشهورات لهذا.
وكما اختلفوا في تسميتها، اختلفوا في
عددها وأسماء شعرائها. لكن الذي اتفق عليه الرواة والشُّرَّاح أنها سبع، فابن
الأنباري، والزوزني اكتفيا بشرح سبع منها هي:
1ـ معلقة امرئِ القيس
ومطلعها:
قفانَبْكِ
مِنْ ذِكْرى حبيبٍ ومنزلٍ بسِقط اللِّوى بين الدَّخول فحوْمَل
2ـ ومعلقة طرفة بن العبد ومطلعها:
لخولة
أطلالٌ بِبُرقة ثهمد تلـوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
3ـ معلقة زهير بن أبي سُلْمى ومطلعها:
أَمِنْ
أمِّ أًَوْفَى دمْنةٌ لم تَكَـلَّم بَحْــومَانـــة الدُّرّاج فالمتَـثَـلَّــــم
4ـ ومعلقة عنترة بن شداد ومطلعها:
هل غادَرَ
الشُّعراء من مُتَردَّم أم هَلْ عرفْـتَ الـدار بعـد توهــم ؟
5ـ ومعلقة عمرو بن كُلثوم ومطلعها:
ألا هبيِّ،
بصحْنِك فاصْبحينا ولا تُبـــقي خُمـــور الأنْدَرِينــــا
6ـ ومعلقة الحارث بن حِلِّزة ومطلعها:
آذنتْنـــا
ببينـهــــا أسْمـــــاءُ رُبَّ ثــــاوٍ يُمَـــلُّ منـه الثَّـــواُء
7ـ ومعلقة لبيد بن ربيعة ومطلعها:
عَفَتْ
الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُهَا بمنى تَأبَّـــد غولُهـــا فِرَجامُهَــــا
وكما اختلف الرواة في عدد
القصائد، اختلفوا أيضًا في عدد الأبيات وترتيبها. وفي رواية بعض الألفاظ. وهو اختلاف
مألوف في نصوص الكثير من الشعر الجاهلي بسبب وصوله إلى عصر التدوين عن طريق
الرواية الشفوية وبسبب تعدد الرواة واختلاف مصادرهم.
وإن كان مصطلح المعلقات أو المسمَّطات أو المذهبات يعني لونًا من الاستحسان لتلك القصائد وتمييزها عن سائر شعر الشاعر، فكذلك الحال بالنسبة للقصائد الحوليات إذ إن مصطلح الحوليات عُني به المدح والإشادة بجهد الشاعر حين يستغرق نظمه القصيدة وتنقيحها حولا كاملاً قبل أن يخرجها للناس ويذيعها بينهم. وكان الشعراء الذين يفضِّلون هذه الطريقة هم ممن يحرصون على مكانتهم الشعرية أكثر من غيرهم.
وإن كان مصطلح المعلقات أو المسمَّطات أو المذهبات يعني لونًا من الاستحسان لتلك القصائد وتمييزها عن سائر شعر الشاعر، فكذلك الحال بالنسبة للقصائد الحوليات إذ إن مصطلح الحوليات عُني به المدح والإشادة بجهد الشاعر حين يستغرق نظمه القصيدة وتنقيحها حولا كاملاً قبل أن يخرجها للناس ويذيعها بينهم. وكان الشعراء الذين يفضِّلون هذه الطريقة هم ممن يحرصون على مكانتهم الشعرية أكثر من غيرهم.
وتسمى قصائدهم أحيانًا،
بالمقلدات والمنقحات والمحْكَمَات. وقد عُرف زهير بن أبي سلمى بأنه من أصحاب
الحوليات. روى ابن جني أن زهيرًا عمل سبع قصائد في سبع سنين، وأنها كانت تسمى
حوليات زهير. وروى ابن قتيبة أن زهيرًا نفسه كان يسمي قصائده الكبرى الحوليات. وقد
قيل: إنه كان يعمل القصيدة في أربعة أشهر، وينقحها في أربعة أشهر، ثم يعرضها في
أربعة أشهر، ثم بعد ذلك يخرجها إلى الناس.
ولم يكن التنقيح والتهذيب
وقفًا على زهير والحطيئة، بل إن هناك شعراء آخرين في الجاهلية والإسلام كانوا
يتَأَنَّون، ويعيدون النظر في أشعارهم. ومن بين من عُرف بذلك من شعراء الإسلام
مروان بن أبي حفصة، وذو الرُّمَّة، ولكننا لا نعرف شاعرًا آخر غير زهير تمكث
القصيدة عنده حولاً كاملا،ً بحيث يمكن أن يعد من شعراء الحوليات.
المفضليــــات
وشعراء المفضّليات أكثرهم
من الجاهليين وفيهم قلّة من المخضرمين والإسلاميين، وعددهم 66 شاعرًا، منهم تأبّط
شرًّا والشَّنْفَرَى الأزدي، والمرقّشان: الأكبر والأصغر، والمثقّب العبدي وأبو
ذؤيب الهذلي، ومتمّم بن نويرة، وبشر بن أبي خازم، وسلامة بن جندل وغيرهم.
أما القصائد المختارة في
هذه المجموعة فقد تراوحت بين 128 و 130 قصيدة حسب الروايات، إلاّ أن الرواية
المدح
المدح. عرف الشاعر الجاهلي المديح
واتخذه وسيلة للتكسُّب، وكان للغساسنة في الشام والمناذرة في الحيرة دور كبير في
حفز الشعراء على مديح أمرائهم. ومن أشهر المداحين من شعراء الجاهلية النابغة
الذبياني الذي اشتهر بمدح النعمان بن المنذر. وكما يقول أبو عمرو بن العلاء: ¸وكان
النابغة يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجدّه·.
وقد مدح الشاعر الجاهلي بفضائل ثابتة كالشجاعة والكرم والحلم ورجاحة العقل ورفعة النسب، وكلها ترسم الصورة الخلقية المثلى للإنسان في رؤياه، كما كان يتخذ من المدح المبالغ فيه ـ باستثناء زهير بن أبي سُلمى مثلا ـ حافزًا للممدوح على المزيد من العطاء. وكان يقدّم لقصائده في المديح بوصف الرحلة ومشاق الطريق وما أصاب ناقته من الجهد ليضمن مزيدًا من بذل ممدوحه.
وقد مدح الشاعر الجاهلي بفضائل ثابتة كالشجاعة والكرم والحلم ورجاحة العقل ورفعة النسب، وكلها ترسم الصورة الخلقية المثلى للإنسان في رؤياه، كما كان يتخذ من المدح المبالغ فيه ـ باستثناء زهير بن أبي سُلمى مثلا ـ حافزًا للممدوح على المزيد من العطاء. وكان يقدّم لقصائده في المديح بوصف الرحلة ومشاق الطريق وما أصاب ناقته من الجهد ليضمن مزيدًا من بذل ممدوحه.
وفي عصر صدر الإسلام، ظهر تيار جديد في
المديح، هو مدح النبي ³. ومن أوضح نماذجه لامية كعب بن زهير بانت سعاد التي أنشدها
عند عفو النبي الكريم عنه، وصارت إلى عصور متأخرة نموذجًا يُحتذى. كما زخرت قصائد
حسّان بمديحه للنبي ³ أيضًا. وبذلك تحوّل المدح من التكسّب إلى التدين، واكتسب،
فيما عبر به من الأوصاف، التجرد والصدق، بعيدًا عن التكسّب فضلاً عن رسم الصورة
الإسلامية للفضائل والقيم الخلقية.
وهنا
نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن المدح في الشعر العربي ـ وإن يكن للتكسب ـ لم يكن في
كل الأحوال يعني التملق والبحث عن النفع، بل هو في كثير من الأحيان تجسيد للود
الخالص والإعجاب العميق بين الشاعر والممدوح، وهذا مايتضح في مدائح المتنبي لسيف
الدولة، فهي تجسيد حي لهذا المعنى الذي أشرنا إليه. فقد كان المتنبي شديد الإعجاب
بسيف الدولة ويرى فيه البطل العربي الذي طالما تاقت إليه نفسه، بقدر ماكان سيف
الدولة عميق التقدير لأبي الطيب،
الهجاء
الهجاء.
كان الهجاء في الجاهلية يقوم على التنديد بالرذائل التي منها، الجبن والبخل
والسّفه الذي هو ضدّ الحلم، فضلاً عن وضاعة النسب، وما عرفت به قبيلة المهجو من
مثالب اشتهرت بها بين سائر القبائل، وهذه لا تخرج عن الرذائل التي تنفر منها النفس
العربية عادة. ولعل من أشهر الهجَّائين في الجاهلية الشاعر الحطيئة، وهو من
المخضرمين، وكان غير مأمون العاقبة، يهجو جماعة من الناس، فيحتالون إليه بالأموال
ليكف عنهم هجاءه، فيأخذ أموالهم ولا يكف عن هجائهم.
الرثاء
الرثاء.
عرف الرثاء منذ العصر الجاهلي، وكان يتميز بما تميزت به سائر الأغراض من حيث الصدق
وعفوية الأداء. وقد رثى شعراء الجاهلية قتلاهم في الحروب، كما رثوا موتاهم في غير
الحروب. وكانوا يرثون قتلاهم بذكر مناقبهم وبالبكاء الحار عليهم حثًا للقبيلة على
الثأر. كما أن المرأة أدّت دورًا كبيرًا في رثاء قتلى الحروب، إذ تذكر المصادر،
مثلاً، أن الخنساء في الجاهلية كانت تخرج إلى سوق عُكاظ فتندب أخويها صخرًا
ومعاوية، وكانت تحاكيها هند بنت عتبة راثية أباها، ولم تكن الخنساء ولا مثيلاتها
من البواكي يقنعن بيوم أو أيام في رثاء موتاهنَّ، بل كنّ يمكثن الأعوام باكيات
راثيات، ولا شك أن النساء كنَّ يدعون بدعوى الجاهلية سواء في أشعارهن أم في بكائهن
وعويلهن. ومن روائع مراثي الخنساء ما قالته في أخيها صخر:
قذىً بعينــك أم بالعــين عُوَّار أم ذرَّفت مُذْ خلت من أهلها الدارُ
كأن عيني لذكراه إذا خطرت فيضٌ يسيل على الخدَّيــن مــدرار
قذىً بعينــك أم بالعــين عُوَّار أم ذرَّفت مُذْ خلت من أهلها الدارُ
كأن عيني لذكراه إذا خطرت فيضٌ يسيل على الخدَّيــن مــدرار
إن الحوادث بالمدينــة قد
أوجَعْـنَنِي وقرعْـن مَرْوتِيَــهْ
إلى قوله يتوعد الأمويين:
والله أبرح في مقدمةٍ أهدي
الجيوش عليَّ شكَّتيه
حتى أفجّعهم بإخوتهم وأسوق
نسوتهـم بنسوتيّــه
كما شاعت مراثي الشعراء
للحسين بن علي رضي الله عنهما.
وفي العصر العباسي، تظهر
مراثي الشيعة في الإمام الحسين، وأشهر شعرائهم في ذلك السيد الحميري ودِعْبِل
الخُزاعي، ومن أصدق مراثي هذا العصر مراثي دعبل في زوجته التي قتلها في موجة شك
عارمة انتابته على إثر وشاية كاذبة فلما ظهرت له براءتها مضى يرثيها أصدق رثاء.
وحين اشتدّت موجات الصّليبيين والمغول على المسلمين، كان من الطبيعي أن تشيع مراثي الشعراء في القادة خاصة، سواء من استشهد منهم أو من مات خارج المعركة. فمن ذلك مراثيهم في عماد الدين زنكي الذي استشهد على يد غلام له أثناء حصاره لإحدى القلاع، كما رثى الشعراء ابنه نور الدين حين مات، خارج المعارك، وفقد المسلمون بموته قائدًا عظيمًا.
وحين اشتدّت موجات الصّليبيين والمغول على المسلمين، كان من الطبيعي أن تشيع مراثي الشعراء في القادة خاصة، سواء من استشهد منهم أو من مات خارج المعركة. فمن ذلك مراثيهم في عماد الدين زنكي الذي استشهد على يد غلام له أثناء حصاره لإحدى القلاع، كما رثى الشعراء ابنه نور الدين حين مات، خارج المعارك، وفقد المسلمون بموته قائدًا عظيمًا.
الفخر
الفخر.
عَرَف العصر الجاهليُّ الفخر غرضًا من أغراض الشعر، وكان هذا الفخر نوعين: أحدهما
فردي، حيث يشيد الشاعر بنفسه وفضائله، والآخر كان فخرًا جماعيًا أشاد الشاعر فيه
بقبيلته. وكانت الفضائل التي مدح بها الشاعر هي نفسها التي افتخر بها من شجاعة
وكرم ونسب رفيع، وقد جرت المفاخرة على الأحساب والأنساب بين عامر ولبيد والأعشى
وبين علقمة والحطيئة وفتيان من بني الأحوص.
وبمجيء
الإسلام، ذهبت عصبية القبيلة، وحلت محلها عصبية العقيدة والإخاء في الله، ومضى
حسان بن ثابت وغيره من شعراء النبي ³ يفخرون بإيمانهم، وبالقيم الإسلامية الجديدة،
وكما كان حسان يهجو قريشًا، فكذلك كان يفخر بالمسلمين، كما في همزيته التي جاء
فيها:
وجبريـــلٌ أمـــين الله فينــا وروح القدس ليس له كِفاءُ
وجبريـــلٌ أمـــين الله فينــا وروح القدس ليس له كِفاءُ
وكما في داليته إذ يقول:
فينا الرسولُ وفينا الحقُّ
نتْبعه حتى الممات ونصرٌ غير محدود.
شعر الحما سة
شعر
الحماسة. وهو شعر الحرب الذي يصف المعارك ويشيد بالأبطال ويتوعد الأعداء. وهذا
الغرض قد يبدو في رثاء أبطال الحروب، أو في مدحهم، أو في سياق فخر الشاعر ببطولاته
في الحرب، وقد امتزج بوصف المعارك والإشادة بالبطولة. وقد أثمرت حروب القبائل في
الجاهلية قصائد حماسية. وتعد معلقة عمرو بن كلثوم واحدة من عيون الحماسيات في
أشعار الجاهليين، ومثلها معلقة عنترة التي امتزج فيها الفخر بالحماسة، وقصائد أخرى
له.
وقد كانت قصائد الحماسة مادة لإلهاب مشاعر المحاربين، كما عدّها مؤرخو الأدب مصدرًا مهمًا لتاريخ العرب في حروبهم وأسلحتهم وأنسابهم وفضائلهم. كما كانت نماذج رفيعة لشعراء العصور الإسلامية المختلفة.
وقد كانت قصائد الحماسة مادة لإلهاب مشاعر المحاربين، كما عدّها مؤرخو الأدب مصدرًا مهمًا لتاريخ العرب في حروبهم وأسلحتهم وأنسابهم وفضائلهم. كما كانت نماذج رفيعة لشعراء العصور الإسلامية المختلفة.
الغزل
الغزل.
عُرف الغـزل منـذ العصر الجاهليّ، ويدلنا تراث هذا العصر من شعر الغزل على رقة
مشاعرهم، كما يسجل لنا معاييرهم في جمال المرأة. ومن أشهر المتغزّلين في هذا
العصر: عُروة بن حزام العُذريّ الذي أحبَّ عَفْراء ابنة عمه، ومالك بن الصمصامة
الذي أحبَّ جنوب بنت محصن الجعديّ، ومسافر بن أبي عمرو الذي أحب هندًا بنت عُتبة.
على أن قصة عنترة وابنة عمه عبلة أشهر من أن تذكر. وكانوا في مقدمات قصائدهم يبكون
ديار أحبتهم في حنين جارف، كما كانوا مشغوفين بذكر رواحل محبوباتهم حين يرحلن من
مكان مجدب إلى آخر خصيب. وفي معلقة امرئ القيس مقدمة غزلية باكية فيها ذكر الحبيب
ومنزله، ويقال: إنه كان أول من بكى واستبكى. كما أن زهيرًا في معلقته قد بدأها
بوصف طويل لارتحال محبوبته.
وقد مضى العصر الجاهلي،
والقصيدة العربية، إلا النادر منها، لا تستقل بغرض الغزل، وإنما كان الغزل يرد في
مقدمتها فحسب.
عُرف الغزل العذري منذ
الجاهلية، إلا أنه تميَّز تميُّزًا ظاهرًا في صدر الإسلام، وفي عهد بني أمية،حيث
أصبح مدرسة شعرية قائمة بذاتها، حين انقسم شعر الغزل إلى اتجاهين: عذري وصريح. وقد
انتشر الغزل العذري في بادية الحجاز حيث يقيم بنو عذرة، وفي عالية نجد حيث تقيم
القبائل الحجازية النجدية. وقد كانت ظروف المعيشة والواقع الإسلامي من أسباب
انتشار الغزل العذري في بيئات البادية التي تحولت في هذا العصر إلى حياة جديدة في
قيمها ومُثُلها ومعارفها فحافظت على الطُّهر والنقاء.
كان شعراء الغزل العذري في
وضع اجتماعي أقرب ما يكون إلى الكفاف والقناعة؛ إذْ لم يحسنوا التكيف السريع مع
مستجدات الأحداث، ولم يستطيعوا البقاء على حياة الجاهلية الأولى التي كانوا
يعيشونها قبيل الإسلام. وعندما انتقلت قوة القبائل وشوكتها إلى الأمصار وانتقل جلّ
شبابها مع الفاتحين، لم يبق في بادية الحجاز غير أولئك الذين لم يستطيعوا ترك
بلادهم وأهلهم. وقد تأثروا بالإسلام وطُبعت حياتهم الجديدة بشيء غير قليل من
التغيُّر؛ فعبروا عنه بالزهد في الحياة وملذاتها، ووجدوا في الشعر تعويضًا عن
مطامح الدنيا التي لم يستطيعوا مواجهتها، كما وجدوا قبولاً لدى الناس لهذا الفن،
عوَّضهم عمَّا فقدوه في واقعهم الاجتماعي.
ولا يتخذ الغزل العذري
مظهرًا واحدًا عند المحبين جميعًا، فهو هادئ عند بعضهم، ثائر عند آخرين، يلامس بعض
النفوس فتقوى لديها عاطفة الحب حتى تستبد بالشاعر، فيصف لواعج الحب ولهيب الجوى
الذي يكتوي به قلبه، وهو عنها راضٍ ليعيش في حب دائم لا ينقطع، وإن انقطعت أسبابه
من الطرف الآخر، حتى يصير شعره أنينًا وتضرُّعًا، ولكنه لا يجد راحة ولا ييأس من
وصْل المعشوقة على كل حال.
وقد قويت مظاهر الغزل
العذري فارتبطت بالتغيُّرات الاجتماعية التي طرأت على حياة الناس وارتبطت بواقعهم
خلال فترة زمنية طويلة. كان الإسلام مشجِّعًا على العفة، ومنظِّمًا لعلاقة الرجال
بالنساء. وقد منع الاستجابة العشوائية للشهوة إلا عن طريق مشروع، وسما بالعقيدة
والعلاقة والأخلاق، فكان عاملاً من عوامل الحب العذري ودافعًا إليه.
وقد تحدَّدت العناصر
الأساسية التي يعتمد عليها الغزل العذري في أمور أهمُّها .
ويتناول الشعر
المدح والرثاء والهجاء والغزل ووصف الكرم والشجاعة وكل موضوعات الفخر وغيرها ولكن
بلغة عامية. وهذه المعاني تأتي في القصيد الذي يحسنه الشعراء في الحجاز ونجد وشمال
الجزيرة كله وشرقها وغربها.
وللقبيلة رئيس يتزعمها في السلم والحرب .وبنبغي أن يتصف
بصفات أهمها :البلوغ،الخبرة،سداد الرأى،بعد النظر ،والشجاعة ،الكرم ،والثروة.
-ومن القوانين التي سادت في المجتمع الجاهلي ،الثأر ،وكانت القبيلة جميعها تهب للأخذ بثأر الفرد،أو القبيلة.ويعتبر قبول الدية عارا .
وقد انقسم العرب في الجاهلية الى قسمين:-
-وعرف نظام القبلي فئات في القبيلة هي : -
- أبنائها الخلص ، الذين ينتمون إليها بالدم .-
الموالي ، وهم أدنى منزلة من أبنائها .
-العبيد من أسرى الحروب ،أو من يجلبون من الأمم الأخرى .
-وكانت الخمره عندهم من أهم متع الحياة .
- وقد إنتشرت في الجاهلية عادة وأد البنات أي : دفنهن أحياء .
- واعتمد العربي في جاهليته على ما تتنجه الإبل والماشيه ، والزراعة ، والتجارة .
- لقد عرف العرب من المعارف الإنسانية ما يمكنهم من الإستمرار في حياتهم ، وعبدوا أصناماً أعتقدوا - خطأ -إنها تقربهم إلى الله . وكان كل قبيله أو أكثر صنم ، ومن هذه الأصنام : هبل و اللات والعزى.
-ومن القوانين التي سادت في المجتمع الجاهلي ،الثأر ،وكانت القبيلة جميعها تهب للأخذ بثأر الفرد،أو القبيلة.ويعتبر قبول الدية عارا .
وقد انقسم العرب في الجاهلية الى قسمين:-
-وعرف نظام القبلي فئات في القبيلة هي : -
- أبنائها الخلص ، الذين ينتمون إليها بالدم .-
الموالي ، وهم أدنى منزلة من أبنائها .
-العبيد من أسرى الحروب ،أو من يجلبون من الأمم الأخرى .
-وكانت الخمره عندهم من أهم متع الحياة .
- وقد إنتشرت في الجاهلية عادة وأد البنات أي : دفنهن أحياء .
- واعتمد العربي في جاهليته على ما تتنجه الإبل والماشيه ، والزراعة ، والتجارة .
- لقد عرف العرب من المعارف الإنسانية ما يمكنهم من الإستمرار في حياتهم ، وعبدوا أصناماً أعتقدوا - خطأ -إنها تقربهم إلى الله . وكان كل قبيله أو أكثر صنم ، ومن هذه الأصنام : هبل و اللات والعزى.
وعوثة
الصحراء وخشونة العيش وحربية الفكر وطبيعة الجو وسذاجة كل أولئك طبع الشعر الجاهلي
بطابع خاص وما زه بسمة ظاهرة فمن خصا صئه الصدق في تصوير العاطفة وتمثيل الطبيعة
فلا تجد فيه كلفا بالرخرف ولا تكلفا في الأداء فكثر لذلك الإيجاز وقل المجاز وندرت
المبالغة وضعفت العناية بسياق الفكر على سنن المنطق واقتضاء الطبع فعلائق المعاني
واهنة واهية ومساق الأبيات مفكك مضطرب فإذا حذفت أو قدمت او أخرت لا تشعر القصيدة
بتشويه أو نقص وذلك لأن البدو بطبيعتهم يعوزهم النظر الفلسفي فلا يرون الحوادث
والأشياء إلا مجردة لا ينظمها سلك ولا تجمعها علاقة ومن ثم كانت وحدة النقد عند
أدباء العرب البيت لا القصيدة ومنها استعمال الغريب ومتانة التركيب وجزالة اللفظ
لتأثرهم بمظاهر الغلظة والقوة البادية في طباعهم ونظام اجتماعه والابتداء بذكر
الأطلال والديار لأنهم أهل خيام ومضارب وألاف انتجاع وظعن فلا يكاد الشاعر يمر
بمكان حتى يذكر عهدا قضاه فيه وأحبة ترحلوا عنه فتهيجه الذكرى فيحييه ويبكيه
والشعر الجاهلي على الجملة كثير التشابه قليل التنوع يجري في حلبة واحدة من السماع
والتقليد.
ديوان
الشعر بما تحويه من أشعار لعدد من الشعراء. وترتبط نشأتها بحركة رواية الشعر في
عصر التدوين، في القرن الهجري الأوّل. ثم أخذ الرواة، بعد ذلك، يتناقلون هذا
التراث جيلاً بعد جيل.
ومن
أشهر هؤلاء الرواة أبو عمرو بن العلاء والأصمعي والمفضّل الضبي وخلف الأحمر وحماد
الراوية وأبو زيد الأنصاري وابن سلاّم الجمحي وأبو عمرو الشيباني وغيرهم.
فكرة
المجموعات. تختلف هذه المجموعات تبعًا لفكرة كل مجموعة منها، فبعضها يرمي إلى
إثبات عدد من القصائد المطولة المشهورة وهي المعلقات. وبعضها قد يكتفي بالأبيات
الجيدة المشهورة يختارها من جملة القصيدة وهي المختارات، ومنها ماوقف عمله على
الشعر الجاهلي لا يتعداه، على حين زاوج بعضها بين الجيّد من شعر الجاهلية
والإسلام.
وتقدم
المجموعات فائدة أكبر من فائدة الدواوين؛ لأن الأخيرة أضيق مجالاً لوقوفها عند
شاعر بعينه لاتتجاوزه، في حين نجد المجموعة أوسع مجالاً لتنوع الموضوعات وتعدّد
الشعراء. فهي أقدر على تصوير ذوق العصر بإعطائها خلفية أوسع عن الحياة الاجتماعية،
وإن كان ذوق مصنّفها لا يغيب عنها في كل الأحوال.
مجموعة مهمة من
مجموعات الشعر العربي القديم، جمعها وألفها أبو سعيد، عبدالملك بن قُريب، الأصمعي
(ت 217هـ، 832م). وهو عالم في الطليعة من العلماء الأقدمين. كان قويّ الذاكرة غزير
المحفوظ، متمكنًا، عالمًا بأنساب العرب وأيامها وأخبارها وأشعارها. وهو بحر في
اللغة لايعرف مثله فيها وفي كثرة الرواية. والأصمعيات هي المجموعة التي تلي
المفضليات في أهميتها وقيمتها الأدبية. ويعدها العلماء متممة للمفضليات. ولعلّ
تلاميذ الأصمعي أو المتأخرين هم الذين أطلقوا عليها الأصمعيات، تمييزًا لها وفرقًا
بينها وبين اختيار المفضّل الضبّي. ورغم ذلك، فإن الاختلاط والتداخل قد وقع بين
هذين المجموعين حتى ذكر بعض الناس قصائد من المفضليات على أنها أصمعيات. بل ذكر
بروكلمان أن للأصمعيات أربع مخطوطات إحداها مختار مختلف من المفضليات والأصمعيات.
ويبدو أن أمر الاختلاط قديم، أو أن النسخ التي أطلع عليها الأقدمون تختلف عمّا
بأيدينا؛ لأن كثيرين منهم كابن قتيبة وأبي عبيدة قد ذكروا قصائد وجعلوها من اختيار
الأصمعي، إلاّ أنها غير موجودة في أصمعيّاته المطبوعة. وعلى كل حال، فإن المجموعة
التي اشتملت عليها الأصمعيات هي من جيّد الشعر؛ لأن الأصمعي معروف بغزارة الحفظ
وجودة الاختيار. وقد اقتصرت هذه المجموعة على الشعر القديم الجاهلي، وشيء من شعر
المخضرمين والإسلاميين. واختار فيها لكثير من الشعراء قصائد غير التي اختارها لهم
صاحب المفضليات. وممن اختار لهم الأصمعي: دريد بن الصمّة وعروة بن الورد وعمرو بن
معديكرب ومهلهل بن ربيعة والمتلمّس ومتمّم بن نويرة وغيرهم. وبلغ عدد الشعراء
الذين اختار من شعرهم 72 شاعرًا وكانت قصائدهم 92 ومجموع أبياتها 1,439 بيتًا.
نشرت الأصمعيات أول مرة بعناية المستشرق وليم بن الورد في ليبزج بألمانيا سنة
1902م، ثم نشرت في طبعة محققة بعناية أحمد محمد شاكر وعبدالسلام هارون. جمهرة
أشعار العرب. مجموعة من المختارات الشعرية تُنسب إلى أبي زيد محمد بن أبي الخطاب
القرشي. وهو عالم من علماء العربية يحيط بحياته الغموض، ويرجّح أنه من علماء القرن
الثالث الهجري. وقد شاعت التسمية بالجمهرة خلال القرن الثالث الهجري وما بعده. فمن
ذلك جمهرة ابن دريد في اللغة، وجمهرة أنساب العرب لأبي
ومع مرور الزمن، نشأت
العجمة واضطربت الألسن وانحرفت عن العربية الفصحى وأصابها التغيّر، فظهرت العامية
في الكلام وفي الشعر منذ زمن بعيد، وسجل الأدباء والمؤرخون بدء العامية في الشعر
والغناء على ألسنة العرب الذين بعدوا عن فهم الفصيح وفشت العامية في كلامهم عندما
اختلطوا بغيرهم من الأمم، فاضطربت سليقتهم الفصحى ولكن بقيت شاعريتهم، فنظموا
الشعر باللغة العامية التي غلبت على ألسنتهم، وقد وصف ذلك ابن خلدون في مقدمته
بقوله: ¸اعلم أن الشعر لا يختص باللسان العربي فقط، بل هو موجود في كل لغة سواء
كانت عربية أو عجمية... ولما فسد لسان مضر ولغتهم التي دونت مقاييسها وقوانين
إعرابها وفسدت اللغات من بعد بحسب ماخالطها ومازجها من العجمة، فكان لجيل العرب
بأنفسهم لغة خالفت لغة سلفهم من مضر في الإعراب جملة، وفي كثير من الموضوعات
اللغوية وبناء الكلمات. وكذلك الحضر في الأمصار، نشأت فيهم لغة أخرى خالفت لسان
مضر في الإعراب وأكثر الأوضاع والتصاريف وخالفت أيضًا لغة الجيل من العرب لهذا
العهد... ثم لما كان الشعر موجودًا بالطبع في أهل كل لسان... فلم يهجر الشعر بفقدان
لغة واحدة وهي لغة مضر الذين كانوا فحوله وفرسان ميدانه حسبما اشتهر بين أهل
الخليقة بل كل جيل. وأهل كل لغة من العرب المستعجمين والحضر أهل الأمصار يتعاطون
منه مايطاوعهم في انتحاله ورصف بنائه على مهيع (طريقة) كلامهم. فأما العرب أهل هذا
الجيل المستعجمون عن لغة سلفهم من مضر، فيقرضون الشعر لهذا العهد في سائر الأعاريض
على ماكان عليه سلفهم المستعربون ويأتون منه بالمطولات مشتملة على مذاهب الشعر
وأغراضه من النسيب والمدح والرثاء والهجاء، ويستطردون في الخروج من فنِّ إلى فنِّ
في الكلام. وربما هجموا على المقصود لأول كلامهم، وأكثر ابتدائهم في قصائدهم باسم
الشاعر ثم بعد ذلك ينسبون. فأهل المغرب من العرب يسمّون هذه القصائد
بالأصمعيّات... وأهل المشرق من العرب يسمّون هذا النوع من الشعر بالبدوي والحوراني
والقيسي.
وقد اختلفت تسميات غير الفصيح من الشعر منذ زمن بعيد فعرف الدوبيت، والزجل، والمواليا، والكان كان، والحماق، والحجازي، والقوما، والمزنَّم، وكل هذه الأسماء كانت لغير المعرب من الشعر. هذه الأسماء تختلف من مكان إلى آخر. وقد بَيَّن الإمام صفي الدين الحلي الفرق بينها في كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي.
وقد اختلفت تسميات غير الفصيح من الشعر منذ زمن بعيد فعرف الدوبيت، والزجل، والمواليا، والكان كان، والحماق، والحجازي، والقوما، والمزنَّم، وكل هذه الأسماء كانت لغير المعرب من الشعر. هذه الأسماء تختلف من مكان إلى آخر. وقد بَيَّن الإمام صفي الدين الحلي الفرق بينها في كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي.
أما في العصر الحديث فللشعر
غير الفصيح أسماء كثيرة منها النبطي، والشعبي، والملحون، والحميني، والبدوي،
والعامي، وغير ذلك من الأسماء. وأعمّها في الوقت الحاضر الشعبي. وفي الجزيرة
العربية خاصة، يعرف الشعر العامي بالشعر النبطي.
والشعر النبطي كان مشافهة غير مدوّن وغير منشور حتى العصر المتأخر. وأول من دوَّنه وأرَّخَ له ولشعرائه خالد الفرج في كتابه ديوان النبط، ثم عبد الله بن خالد الحاتم في كتابه خيار مايلتقط من شعر النبط ثم كثرت الكتب عن هذا اللون من الشعر النبطي وكثرت دواوين الشعراء، وأغلب ماينشر اليوم ليّن ضعيف يختلف عما كان عليه الشعر النبطي القديم. انظر: الفرج، خالد.
والشعر النبطي كان مشافهة غير مدوّن وغير منشور حتى العصر المتأخر. وأول من دوَّنه وأرَّخَ له ولشعرائه خالد الفرج في كتابه ديوان النبط، ثم عبد الله بن خالد الحاتم في كتابه خيار مايلتقط من شعر النبط ثم كثرت الكتب عن هذا اللون من الشعر النبطي وكثرت دواوين الشعراء، وأغلب ماينشر اليوم ليّن ضعيف يختلف عما كان عليه الشعر النبطي القديم. انظر: الفرج، خالد.
No comments:
Post a Comment