بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتتنزل البركات ، ثم الصلاة والسلام
على مُعلم النّاس الخير سيدنا ونبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد،،،
العمل الخيري أصل عظيم من الأصول التي جاء الإسلام لتقريرها والدعوة
إليها ، ومن تأمل في وصايا القرءان الكريم والسنة النبوية المطهرة أدرك أن عمل
الخير في الإسلام قرين الإيمان بل هو علامته البارزة التي تدور معه حيث دار ،
ولذلك كلما قوي الإيمان في القلب اندفع صاحبه في عمل الخير والبر والمعروف ،هذا
الاندفاع الذي يبدأ في دائرة محدودة ضيقة وهي دائرة الأسرة الصغيرة -قياما
بالتبعات والمسؤليات- ثم لا تزال هذه الدائرة تتسع وتنداح حتى تصل إلى محيط الأسرة
الإنسانية الكبرى التي أوجب الله علينا بِرها والإحسان إليها والتآزر معها.
ولمّا كان للعمل الخيري في الإسلام هذه المنزلة العلية الباذخة كان لزاما
على الأمّة التي وصفها الله بالخيرية أن توجد الأجهزة والمؤسسات التي تحسن تقديم
هذا الخير للنّاس ، تحرض واجد المال على البذل والعطاء ، وتقف مع البائس الفقير لا
لتسد حاجته الوقتية فحسب ، ولكن لتمدّه بالوسائل التي تعينه على أن ينهض من كبوته
ويتمكّن من أسباب الحياة الشريفةِ المحققةِ لإنسانيته.
ولاشك أنّ هذه الغاية النبيلة التي يسعى العمل الخيري الإسلامي إليها تقف
أمامها اليوم عقبات كؤود وتحديات جسام يرجع بعضها إلى اختلال في المفاهيم
والتصورات وبعضها إلى حالة التخلف والفساد والاستبداد التي ابتلي بها قطاع عريض من
الأمم المحرومة ، كما أنّ بعض هذه التحديات والعقبات مردّه إلى سياسات الهيمنة
الاقتصادية التي تفرضها الدول القوية على غيرها من الدول النامية الفقيرة.
وقد حرصت الإغاثة الإسلامية -بعد عقود من العمل المتواصل والخبرة
الميدانية العميقة- على تقديم رؤية إسلامية لمعالجة قضايا العمل الخيري المعاصر ،
تجيب من خلالها على التساؤلات العصرية الملّحة التي تواجه القطاع الخيري
الإسلامي.فكانت البادرة الأولى في هذا الاتجاه العمل على تنظيم ملتقى تفاكري يناقش أبعاد هذه الرؤية ويصوغها بجهد جمْعِي
يتضافر عليه نخبة مختارة من العلماء أهل التخصص الشرعي والإلمام الواقعي يؤازرهم
في إنجاز هذه المهمة عدد من الخبراء (مؤسسين وعاملين) ممن عاشوا تجربة العمل
الخيري الإسلامي وشهدوا نشأته وأطواره ، وتلمسوا بركته وآثاره ، وعرفوا من خلال
التجربة الميدانية الممتدة عوائقه وأسراره.
وهذه الأوراق التي
بين يديك- أيها القارئ الكريم-هي خلاصات أبحاث وتداول ثر شهده ذلك الملتقى
التفاكري المنعقد بالقاهرة في الفترة من 12 – 14 مارس 2013م نقدمها اليوم لتكون
مساهمة تكشف عن رؤية إسلامية معاصرة لقضايا العمل الخيري تنطلق من عدالة الإسلام
ورحمته ، ويسره وسماحته.
سائلين اللهَ جل
وعزّ أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم نافعا لعباده ، وأن يجزي خيراً كلَّ من
ساهم فيه وأعان على نجاحه.
وصلى الله على
سيدنا ونبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجميعن ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ
العالمين.
No comments:
Post a Comment